سورة الزخرف - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزخرف)


        


{فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (54)}
قوله تعالى: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ} قال ابن الاعرابي: المعنى فاستجهل قومه {فَأَطاعُوهُ} لخفة أحلامهم وقلة عقولهم، يقال: استخفه الفرح أي أزعجه، واستخفه أي حمله على الجهل، ومنه {وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ} [الروم: 60].
وقيل: استفزهم بالقول فأطاعوه على، التكذيب.
وقيل: استخف قومه أي وجدهم خفاف العقول. وهذا لا يدل على أنه يجب أن يطيعوه، فلا بد من إضمار بعيد تقديره وجدهم خفاف العقول فدعاهم إلى الغواية فأطاعوه.
وقيل: استخف قومه وقهرهم حتى اتبعوه، يقال استخفه خلاف استثقله، واستخف به أهانه. {إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ} أي خارجين عن طاعة الله.


{فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (55)}
قوله تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ} روى الضحاك عن ابن عباس: أي غاظونا وأغضبونا.
وروى عنه علي بن أبي طلحة: أي أسخطونا. قال الماوردي: ومعناهما مختلف، والفرق بينهما أن السخط إظهار الكراهة، والغضب إرادة الانتقام. القشيري: والأسف ها هنا بمعنى الغضب، والغضب من الله إما إرادة العقوبة فيكون من صفات الذات، وإما عين العقوبة فيكون من صفات الفعل، وهو معنى قول الماوردي.
وقال عمر بن ذر: يأهل معاصي الله، لا تغتروا بطول حلم الله عنكم، واحذروا أسفه، فإنه قال: {فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ}.
وقيل: {آسَفُونا} أي أغضبوا رسلنا وأولياءنا المؤمنين، نحو السحرة وبني إسرائيل. وهو كقوله تعالى: {يُؤْذُونَ اللَّهَ} [الأحزاب: 57] و{يُحارِبُونَ اللَّهَ} [المائدة: 33] أي أولياءه ورسله.


{فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ (56)}
قوله تعالى: {فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً} أي جعلنا قوم فرعون سلفا. قال أبو مجلز: {سَلَفاً} لمن عمل عملهم، {وَمَثَلًا} لمن يعمل عملهم.
وقال مجاهد: {سَلَفاً} إخبارا لامة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {وَمَثَلًا} أي عبرة لهم. وعنه أيضا {سَلَفاً} لكفار قومك يتقدمونهم إلى النار. قتادة: {سَلَفاً} إلى النار، {وَمَثَلًا} عظة لمن يأتي بعدهم. والسلف المتقدم، يقال: سلف يسلف سلفا، مثل طلب طلبا، أي تقدم ومضى. وسلف له عمل صالح أي تقدم. والقوم السلاف المتقدمون. وسلف الرجل: آباؤه المتقدمون، والجمع أسلاف وسلاف. وقراءة العامة {سَلَفاً} بفتح السين واللام جمع سالف، كخادم وخدم، وراصد ورصد، وحارس وحرس. وقرأ حمزة والكسائي {سلفا} بضم السين واللام. قال الفراء: هو جمع سليف، نحو سرير وسرر.
وقال أبو حاتم: هو جمع سلف، نحو خشب وخشب، وثمر وثمر، ومعناهما واحد. وقرأ علي وابن مسعود وعلقمة وأبو وائل والنخعي وحميد بن قيس {سلفا} بضم السين وفتح اللام جمع سلفه، أي فرقة متقدمة. قال المؤرج والنضر بن شميل: {سَلَفاً} جمع سلفه، نحو غرفة وغرف، وطرفة وطرف، وظلمة وظلم.

7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14